بـقـلـم الـد كـتـور حـنــّـا الـيـاس حـنــّـا مـو سـي - 1222212121
لمحة تاريخية عن اصل السكان الحالين :
قبل بداية اللمحة التاريخية نود ان نورد تلميحاً حول اصل تسمية القرية بعيون الوادي
اسم القرية
كان اسم القرية في عهد التركمان وحتى نهاية القرن الثامن عشر , معروفا باسم عيون عفان ولقد احتفظت باسم العيون وحده بعد هجرة التركمان من القرية حتى أواسط القرن التاسع عشر . أما الوقت الذي أطلق عليها اسم عيون الوادي فليس معروفا بالضبط والمعروف انه وجدت وثيقة تعود في التاريخ إلى مائة وعشرون عاما تقريبا وفيها تسمى القرية باسم عيون الوادي فهل أضيفت كلمة الوادي لاسم العيون لوجود عيونها في واد ام أضيفت للتفريق بينها وبين وادي العيون التي يطلق عليها أيضا اسم العيون للاختصار.ام لسبب آخر نجهله؟؟؟
الـجـدّ الأ و ل لـعـيـو ن الـوا د ي يـدعـى ســابـق ســلـيـما ن مـعــلــو ف - 12 . هاجر من قرية ( كفر عقاب ) قرب جبل ( صنين) في جبال لبنان, مصحوباً بابن أخيه ( العجي - 11 ) وامرأة أخيه. والسبب في هجرته إن أحدهم قتل أخاه فثأر له وقتل القاتل واتجه نحو الشمال حوالي عام 1700 بين الأودية والهضاب وصل بعد ليال إلى منطقة (عكار) أقام هناك في شمالها بقرية تسمى (المشيرفة) وفيها تزوج,ولكن الوضع لم يرق له فحمل عصا الترحال وتابع سيره نحو الشمال حتى وصل إلى (عيون عفان) وهناك أقام وقتا ما ثم رأى ان الوضع على غير ما يحب فأتجه شمالاً أقام في قرية (عين بشريته) بضع سنوات. وكان هنالك حتى وقت قريب جورة معروفة (بجورة سابق) ثم رأى ان (عيون عفان ) انسب ولصلح واخصب فعاد مع أسرته أقام هناك .وكان الجد (سابق) على ما يبدو ,قويا ذكيا حسن الصورة مهيب الطلعة فاستخدمه الاغا وكيلا له على أملاكه يشرف على توزيع الأراضي على الفلاحين بع موافقة الاغا وعلى جميع الحاصلات وتصريفها.
كان سابق متزوجا وانجب ثلاثة أولاد هم : الـيـا س - 121 , إ بـراهـيـم - 122 و سـلـيـما ن - 123.شب الاولاد ,ومعهم ابن عمهم العجي - 11 , واحبوا ان يكون لهم عمل مستقل عن أبيهم وعن بيت الاغا, فطلب والدهم سابق من الاغا أرضا لهم يفلحونها. قبل الاغا هذا الكلب أعطاهم ( الرجيمات) في الشمال قريبا من (بصيرة) وذهب إبراهيم للفلاحة في اليوم الأول وعند عودته على المعصرة ليشرب فرأى أرضا أعجبه موقعها تبدو فيها علامات الخصب تقع حول المعصرة فضلها,بينه وبين نفسه ,على الرجيمات وعزم على المجيء للعمل فيها في اليوم التالي . وكانت الأرض باستلام (بو حنة) يفلحونها لحساب الاغا, وبيت بو حنة كان واقعا قرب (عين أبى عثمان) مكان بيت خرفان انطون حاليا وفيه شابان يعملان بجد في هذه الأرض.
وفي اليوم التالي ذهب إبراهيم إلى المعصرة واخذ يفلح فيها. وما دامت الأرض كلها للاغا فأي فرق لدى المالك في ان يفلح إبراهيم في المعصرة أو في الرجيمات .وهذا ما تذرع به. ولما أتى ولدا بو حنة للفلاحة في الأرض المخصصة لهما وجدا إبراهيم يفلح فيها. وحاولا إقناعه ولكنه رفض أصر على البقاء وعلى استلام هذه الأرض. وأمام الإصرار وبعد اخذ ورد وشتم طرداه واعتديا عليه بالضرب ورسموا خطة للانتقام انتقاما كبيراً .وفي صباح ليوم التالي , وباكرا جداً ذهب الجميع إلى المعصرة ما عدا سابق .أشاروا على إبراهيم بالفلاحة وكمن الباقون بين أشجار الغار وكان معه سليمان والياس والعجي. أقبل الأخوان بو حنة لاستئناف عملهما , فلما وجدا إبراهيم يعمل في أرضهما بادراه بالشتم وهما بضربه فرد عليهما شتما بشتم. عندها انطلق أخواه وابن عمه من بين الغار وهاجموا الأخوين بو حنة وكانت معركة عنيفة تلقى فيها الأخوين بو حنة درسا قاسيا وسالت دماؤهما وتحطم صمداهما ونيرهما وتمزقت ثيابهما وعادا أدراجهما يجران ذيول الهزيمة, وبوصولهما ذهبا فورا إلى الاغا يشكوان أمرهما وهما بثياب ممزقة وجراح مثخنة ودماء تسيل.
غضب الاغا من تصرف المعتدين الأهوج واستدعى إليه سابق وهدده وتوعده ولكنه أبقاه في القرية لحاجته إليه, فهو يعتمد عليه في تدبير الكثير من اموره كما انه كان معجبا بأولاده لشدة بأسهم واستبسالهم في تنفيذ كل ما يطلب إليهم. وفي اليوم التالي رأى الاغا ان يفرق بين المتخاصمين فأرسل آل بو حنة إلى الجويخات لثقته ان أولاد سابق وأولاد بو حنة لا يمكن ان يتفقوا بعد ما حصل. وكانت الجويخات ,كالمشتى ملكا له, ولا يزال أحفاد بو حنة يقيمون في الجويخات حتى اليوم.
كان التركمان في ذلك العهد , على نزاع دائم بينهم. وكانت العداوة شديدة بين اغا (عيون عفان) واغا (بعرين) و نيصاف وكثيرا ما كان يهاجم أحدهم الآخر وتبدأ المعارك حامية يذهب ضحيتها عدد كبير من الطرفين. ومعظم هذه المعارك كانت تدور في ضهر القصير او في المناطق المجاورة لها.
وفي منتصف القرن الثامن عشر, أي حوالي عام 1750 ,نشبت معركة فاصلة في ضهر القصير كانت الخسارة فيها فادحة بين الجانبين ولكن الغلبة كانت لتركمان الشرق على تركمان الغرب المتحالفين وقتلت الأغلبية الساحقة من تركمان عيون عفان وعدد كبير من تركمان الزريب وانتصر تركمان الشرق انتصارا كبدهم الكثير من القتلى فاكتفوا بهذا النصر وانهزمت البقية الغربية وعاد الشرقيون إلى مناطقهم.
في هذه الفترة كان الجد سابق لا يزال حيا يتمتع بشيء من الهمة والنشاط بالرغم من شيخوخته. وكان ابنه الثاني إبراهيم قد تزوج ورزق خمسة ذكور هم : نـعـمة - 1221 , طـعـمة - 1222 , فــرح - 1223 , الاسـمر - 1224 و سـعـود - 1225 . كما ان ابنه الأصغر سـلـيـمان - 123 كان قد تزوج ورزق بصبي واحد هو : نـفـّـاع - 1231 . أما الأخ الاكبر الـياس فقد تزوج ولم ينجب . وكان ابن أخيه العجي قد تزوج أيضا ورزق أولاد.
وهكذا كانت اسرة سليمان معلوف قوية وكبيرة عند مقتل معظم تركمان عيون عفان وكان الشيخ سابق لا يزال يشرف على جميع أملاك الآغا. ولما عادت البقية التركمانية الغربية الضئيلة المنهزمة, رأى الذين بقوا من تركمان عيون عفان ان يلتحقوا بأصدقائهم في زريب خوفا من هجوم شرقي مباغت , وهم أقلية صغيرة ,فرحل الجميع إلى الغرب .وهكذا خلا الجو للشيخ سابق يدير, لحساب النازحين , أراضى قرى عيون عفان والمشتى والجويخات وطراز ويقدم لهم حاصلات رمزية , اما تركمان الشرق فكانت لهم مشاكل فيما بينهم ومع جيرانهم لذلك لم يفكروا بمهاجمة الغرب . وراح سابق وأولاده وأحفاده يتصرفون بالمنطقة كملك لهم وكانوا جميعهم على جانب كبير من الفروسية المعروفة في ذلك الوقت والتي كان قوامها: الشدة والخشونة اللصوصية واستحلال القتل بما يتفق مع المثل القائل
إن لم تكن ذئباً أكلتك الذئاب ...).
توفى سابق بعد عشر سنوات تقريبا من انهزام التركمان ولا يزال قسم من البساتين الواقعة أمام كنيسة المشتى وعلى جانبي النهر يسمى ( بستان سابق ) وظل أبناء سابق وابن أخيه العجي وأبناؤهم يدفعون حاصلات للمطالبين بها من تركمان النازحين حتى أواخر القرن التاسع عشر تقريبا.
في عهد التركمان كان في المشتى بعض العائلات المسيحية ,وكان سابق وأولاده وأحفاده من بعده يصلون فيها ثم أقاموا لانفسهم كنيسة مبنية بالحجارة العادية مسقوفة بالخشب المرتكز على المنائر والسواميك والمغطى بالتراب. وظلت هذه الكنيسة الواقعة مقابل بستان سابق لأحفاده وأحفاد أحفاد سابق الى ان أعطيت في عهد قريب إلي المشتى بعد ان بنيت كنيسة العيون على اثر حوادث الهوشة بين المشتى والعيون عام 1880 وتجنبا لتكرار القتال بين القريتين ,ومكان الكنيسة القديمة أقيمت كنيسة السيدة. ولا تزال في دار هذه الكنيسة عظام اجدادنا من قبل 1888 مبعثرة فوق التراب في نظام وغير نظام.
وبعد وفاة سابق انفصل العجي عن أبناء عمه فاعطي أراضي المشتى أقام فيها مع أولاده. أما أبناء عمه فقد أقاموا في عيون عفان التي بدؤوا يطلقون عليها كلمة العيون وظل بعد ذلك أحفاد سابق وأبناؤهم مدة طويلة من الزمن يقضون الفترة الباردة من الشتاء في المشتى وفي حارة بيت الصوص مع مواشيهم ومواشي أقاربهم لأنها اقل برودة من العيون .تزوج أولاد إبراهيم أحفاد سابق الخمسة وهم كما يلي ذاكرين الأكبر فالأصغر : نـعــمة - 1221 , طـعــمة - 1222 , فــرح - 1223 , الأسـمـر - 1224 , ســعـّـود - 1225 ( راجع شجرة الأسرة ) وتزوج نـفـّـاع - 1231 ابن سـلـيـمان - 123 . وفي مطلع القرن التاسع عشر كانت القرية تتألف من خمسة عشر بيتا تقريباً , وتزوج أحفاد سابق معلوف وأحفاد أحفاده وتكاثر عدد بيوت القرية, وارتفع عدد هذه البيوت في أواسط القرن التاسع عشر إلى 24 بيتا بالضبط وفقا إلى وثيقة تعود إلى هذا التاريخ . وقدم الى القرية مهاجرون من قرى مجاورة في مطلع القرن التاسع عشر أي حوالي 1810 لم يستقر فيها نهائيا سوى شخص واحد يسمى الياس بنوت الذي أقام في القرية بعد ان وجد من ساكنيها كل الترحيب والإكرام وشاركهم في حياتهم واصبح كما لو كان واحدا منهم .وفي أوائل النصف الثاني من القرن التاسع عشر أتى إلى القرية مهاجرون آخرون هم:
- محفوض بن الياس الخوري بولس من المشتى
- سلوم اسحق مع ولديه نخلة وحبو من جنين
- برهوم مخول من مدبد
- ايوب تقلا من المشتى
- برهوم مخول من الشواهد قرب عمار
أقاموا فيها ولا يزال قسم منهم فيها , كما بعضهم هاجرها.
في أوائل القرن العشرين أقام في القرية عازار حنا رزوق من المشتى المعروف باسم عازار الشفيقة نسبة إلى أمه من العيون ولا يزال أولاده وأحفاده في القرية .كما أن مهاجرين آخرين أتوا إلى القرية في أواخر الربع الأول من القرن العشرين منهم : علي المرعي , فهد ديوب سلوم .
التطور البشري والهجرة
ازداد عدد السكان زيادة ملموسة في القرن التاسع عشر , وازداد تبعا لذلك عدد منازلها . فبد ان كان عدد السكان في أوائل القرن التاسع عشر يقارب المائة والخمسين تقريبا وعدد المنازل الخمسة عشرة اصبح عدد السكان بعد قرن من الزمن . وامتدت القرية في كل اتجاه : شرقا وغربا وشمالا وجنوبا بعد ان كانت بيوتها الخمسة عشر مصورة بمعظمها في المنطقة المجاورة بعين الضيعة وعين ابو عثمان .
الهجرة :
في هذا القرن هاجر عدد من الناس استقر في عيون الوادي , وقد نزح من القرية في أوائل القرن الثامن عشر , آل نفاع إلى عكار حيث أقاموا بضع سنوات ثم عادوا إلى القرية. كما ان آل بو حنة والدالي وجرو هاجروا من القرية على اثر مقتل القسيس من المشتى , أقاموا في منطقة الحولة عدة سنوات ثم عادوا إلى القرية .والهجرة المؤقتة والدائمة من خارجية وداخلية , لم تبدأ قبل نهاية القرن التاسع عشر والثلث الأول من القرن العشرين :
الهجرة الخارجية :
كانت الهجرة في أوائل الأمر إلى الولايات المتحدة وكان المهاجر لا يقيم إلا سنوات في المهجر ثم يعود الى القرية ومعه ما استطاع ان يجمع من المال , وتعددت ديار الهجرة واتجه الناس في هجرتهم إلى المكسيك والى البرازيل والأرجنتين والأرغولي وكوبا وترينيداد وبقية الجزر في بحر الانتيل , ثم أخيرا إلى فنزويلا . ومع الزمن أقام عدد من المهاجرين في ديار الهجرة مباشرة او بعد العودة إلى القرية لإحضار من تبقى لهم من أسرتهم .وهذا اصبح لنا أبناء واخوان في مختلف بلدان المهجر يحملون كنيات مختلفة واصبح عدد المقيمين والنازحين يقارب الألفي نسمة . وفي العهد التركي كانت الهجرة تتم بدون معاملة او جواز سفر . وكان المهاجر يذهب الى السفينة عن طريق سمسار ويبحر وحيدا اعزلا سلاحه الرجاء والأمل وزاده الصبر والأيمان ويبدأ, بعد سفرة طويلة شاقة, مغامراته القاسية في بلاد هو عنه غريب في كل شيء ,في لغته وثقافته وعاداته واقتصاده , لقد لاقى المهاجرون شتى المصاعب وذاقوا مرارة العيش وشظف الحياة وقسوة الحرمان.