الـ ( GPS ) ما هي فكرة عمله ..??
الـ ( GPS ) ما هي فكرة عمله ..??
في العصور القديمة حينما يرغب مجموعة من الأشخاص في الذهاب برحلة استكشافية لمكان ما على الأرض , فإنهم يستخدمون أحد أفراد المنطقة كدليل ليرشدهم للطريق الصحيح ..
بالإضافة إلى استخدام البوصلة لتحديد الاتجاهات ولكن ماذا لو فقد هذه الدليل واختفى فكيف ستجد المجموعة الكشفية طريقها لابد أن الأمور ستصبح صعبة ، كذلك لو افترضنا أن شخص حصل على قارب بحري وانطلق في البحر ولكن فجأة اكتشف أنه لا يعرف كيف يعود إلى نقطة البداية فهو يحتاج إلى من يرشده ، فماذا لو كان مرشدك هذا هو مجموعة من الأقمار الصناعية التي تراقبك باستمرار من خلال جهاز استقبال يعرف بنظام تحديد الموقع على الأرض والمعروف باسم جهاز GPS ..
ففي عالمنا اليوم ومع تطور التكنولوجيا التي جعلت من العالم قرية صغيرة أصبح الاختفاء عن الأنظار أمراً صعباً جداً , فقد انتشرت أجهزة تحديد المواقع أو التتبع التي تستخدم لتزويد المؤسسات بالمعلومات عن حركة منتجاتهم من المخزن إلى أماكن التوريد وتزويد شركات تأجير السيارات بأماكن تحرك كل سيارة , وتحديد أقرب سيارة إلى المتصل بالشركة طالباً وسيلة نقل من مكان إلى آخر , وهنا لابد من تفسيرات فيزيائية سوف نقوم بالتعرف عليها من خلال فكرة عمل جهاز GPS والتعرف على مكوناته وفوائده الهامة في حياتنا ..
ما هو نظام الـ GPS ?
في عام 1973م بدأت وزارة الدفاع الأمريكية العمل لاستحداث نظام عالمي لتحديد المكان لاستبدال نظام navstar global naication system الملاحة بالأقمار الصناعية المسمى ransit doppler وذلك لتفادي مشكلتين رئيسيتين : الأولى التغطية الغير كافية للأقمار الصناعية والثانية العمليات الملاحية الغير دقيقة ولذلك صمم نظام GPS ليوفر التغطية الكاملة وبدقة عالية لتغطي الاحتياجات العسكرية بالدرجة الأولى وتأتي الاحتياجات المدنية بالدرجة الثانية ..
إذاً نظام GPS هو النظام الرئيسي لتوجيه الملاحة الجوية لأغلب الطائرات المدنية والعسكرية , وليس هذا فحسب بل إن هذا النظام يلعب دوراً مميزاً في مجالات المساحة فقد أصبح من أكثر أدوات القياس التي عرفها مهندسو المساحة الجيوديسية دقة على الإطلاق وأيضاً في أنظمة المعلومات الجغرافية geografic information system GIS أصبح نظام GPS أداة ضرورية لا بد منها ..
تحديد الموقع Global Positioning System (GPS ) هي عبارة عن منظومة من 27 قمر صناعي يدور حول الكرة الأرضية ( فعلياً 24 قمر صناعي مستخدم و3 أقمار احتياطية تعمل في حالة تعطل أي من الأقمار الرئيسية ) , وأنظمة استقبال المعلومات من GPS تشبه أجهزة الجوال تستطيع تحديد موقعك بدقة في الأبعاد الثلاثة على سطح الأرض , ويكون هذا النظام فعالاً في حالة التواجد في الأماكن المكشوفة فتستخدم في الرحلات الاستكشافية وفي الملاحة الجوية والبحرية وفي التطبيقات العسكرية والتطبيقات المدنية ..
فجهاز تحديد الموقع GPS يستخدم في الحروب الحديثة على سبيل المثال في حرب الخليج ، وهذا الجهاز جعل من الحرب وكأنها لعبة كمبيوتر يقوم فيها المهاجم بتحديد إحداثيات الهدف بدقة والقذيفة الموجهة تعتمد على نظام GPS للوصول إلى الهدف المحدد , فقد شاهدنا كيف يمكن مهاجمة أهداف معينة بدقة متناهية وكأن تلك القذائف ترى وتعرف ماذا تفعل ..
فكرة عمل نظام الــــ GPS ..
لقد تم تطوير النظام على مدار عشرين سنة في الولايات المتحدة الأمريكية منذ 1973 وبميزانية تقارب عشرات المليارات من الدولارات , فنظام الــــ GPS يتكون من مرسل ومستقبل أما المرسل فهو عبارة عن شبكة أقمار صناعية تدور حول الأرض على ارتفاع 19300 كيلو متر مرتين كل يوم , موزعة على 8 مستويات دوران كل مستوى يصنع 55 درجة مع المستوى الآخر ويوجد في كل مستوى ثلاثة أقمار صناعية ..
لماذا نستخدم ثلاث أقمار وليس قمر واحد فقط ؟
تخيل أنك فقدت الاتجاهات تماماً في إحدى المناطق من الصحراء وعندما قابلت أحد الأشخاص سألته أين أنا الآن ؟ فأجابك أنت على بعد 500 كيلو متر من مدينة 1 , لاشك أن هذه المعلومة لن تفيدك كثيراً في تحديد موقعك بدقة لأنك تستطيع رسم دائرة حول مدينة 1 نصف قطرها 500 كيلو متر يمكن أن تكون في أي جزء منها وبكن لو سألت أي شخص آخر وأخبرك بأنك تبعد 550 كيلو متر عن المدينة 2 فهنا سيصبح الأمور أسهل لأنك ستكون في إحدى نقطتي التقاطع بيت الدائرتين حول المدينة 1 والمدينة 2 وتحتاج لمعلومة إضافية من شخص ثالث لتعرف بالضبط أي النقطتين أنت موجود على الأرض ..
معلومة واحدة من شخص تعطي أبعاد كبيرة لمكان تواجدك على الأرض , معلومتان من شخصين تحدد مكانك بدقة أكبر , ثلاث معلومات من ثلاث أشخاص تعطي موقعك بدقة , وبهذه الفكرة تعمل الأقمار الثالثة لتحديد موقعك على سطح الأرض حيث يصنع كل قمر سطح كروي ومن تقاطعات هذه الأسطح مع سطح الكرة الأرضية يتم تحديد الموقع بدقة كبيرة ..
كل قمر من الأقمار الــ 24 يرسل باستمرار على نفس التردد إشارة كهرومغناطيسية محملة على موجة ترددها " 1575MHz " كل قمر صناعي له شفرة معينة Code خاصة به ترسل مع الإشارة الحاملة , وبالتالي يمكن لأي قمر صناعي أن يلتقط هذه الشفرة وأن يحدد مكان وزمان تواجد هذا القمر ..
أما المستقبل فهو جهاز في حجم راديو صغير يحتوى على دوائر إلكترونية معقدة يتحكم بها ميكروبروسسر Microprocessor متطور يقوم المستقبل بتحديد الموقع باستخدام طريقتين مختلفتين الأولى تعتمد على إزاحة دوبلر Doppler Shift للإشارات الكهرومغناطيسية المرسلة من الأقمار الصناعية وهذه الإزاحة تكون ناتجة عن السرعة النسبية بين الأرض والأقمار الصناعية , أما الطريقة الثانية فتعتمد على قياس التأخر الزمني بين الإشارات الكرهرومغناطيسية الواصلة بين الأقمار الصناعية , وهذه المعلومات المستقبلة من الأقمار الصناعية تدخل إلى الميكروبوسسر وتتحد مع المعلومات المخزنة عن كل قمر صناعي من حيث مداره وسرعته وموقعه وبعد عدة عمليات حسابية يحدد المستقبل موقعه على سطح الأرض ويظهر النتائج على شاشة العرض , ولدقة حساب الموقع فإنه يجب إدخال العديد من العوامل في الاعتبار على سبيل المثال , تأثير الغلاف الجوي على الإشارات المرسلة وكذلك تأثير الجاذبية الأرضية على الإشارات , حيث أن الجاذبية الأرضية تعمل على ازدياد ترددها كلما اقتربت من الأرض ولهذا فإن نظام الــ GPS يعتمد بشكل كبير ومباشر على عمليات حسابية معقدة جداً قبل أن يخبرنا بالموقع ..
استخدامات نظام الــ GPS الحالية والمستقبلية ..
كثيرون جداً الذين يستخدمون هذا النظام مثل البواخر الكبيرة وحتى القوارب الخاصة تستعين بالــ GPS لتحديد موقعها في البحار والمحيطات كذلك شركات النقل تستخدم هذا النظام لتحديد مواقع سياراتها فمثلا شركات السيارات الأجرة في أوربا تستخدم الـ GPS حتى ترسل أقرب سيارة متواجدة بجوار صاحب الطلب , وقريباً جداً سوف يثبت في كل سيارة جهاز مستقبل يقوم بإرشاد السائق إلى أسهل الطرق ليصل إليه مقصده , وهذا الجهاز مزود بخرائط الكترونية لشوارع العالم وعن طريق المعلومات التي يستقبلها من الأقمار الصناعية يمكن معرفة الشوارع المزدحمة وتجنبها وحالياً يجري في اليابان تطوير سيارات تستعين الــ GPS والخرائط الإلكترونية في تمكين السيارة من معرفة الطريق دون الحاجة لقائد السيارة عن طريق مجس الكتروني مثبت في السيارة وقد نجحوا في تحقيق هذا الهدف , ولكن عند سرعة لا تزيد عن 15 كيلومتر في الساعة , أما في مجال الطائرات فاستخدام هذا النظام يمكن التحكم في حركة الطائرات في الجو والسماح للطائرات بالطيران على مسافات متقاربة من بعضها البعض للتخفيف من الازدحام الملحوظ في المطارات , وفي النهاية أتمنى أن أكون قد أوضحت فكرة تحديد الموقع بالأقمار الصناعية ومدى تأثيرها على حياتنا في السنوات القادمة من حيث زيادة الكفاءة وتقليل المخاطر في جميع أنواع المواصلات وكذلك مراقبة كل التحركات على الأرض سواء كانت بشرية أو حتى تغيرات في الظروف المناخية أو حركة الزلازل ..