هنالك الكثير من النقاد الذين ينتقدون بأقلامهم الحادة الشعراء الشباب فيصل نقدهم إلى اتهام هؤلاء الشعراء الجهل بأمور اللغة . ودفاعاً عن الشعراء الشباب أريد التوضيح بأن هنالك من الشعراء القدامى ( فحولة الشعراء ) لديهم جهل فاضح بأمور اللغة وعلى سبيل المثال لا الحصر الشاعر أبو تمام الذي قال :
قسم الزمان ربوعها بين الصبا وقبولها ودبورها أثلاثا
ومن خلال تدقيق معاني ألفاظ البيت المذكور يتضح أن الصبا تعني الريح وكذلك القبول تعني الريح فكيف يكون أبو تما شاعراً مخضرماً وفحلاً وهو يجهل بأمور اللغة فيورد في شعره اسمين لشيء واحد هو الريح فكل من الصبا والقبول ريح واحدة وما يؤيد كلامي هو رأي الآمدي تعليقاً على بيت أبي تمام حيث قال : الصبا هي القبول وليس بين أهل اللغة وغيرهم في ذلك خلاف . والدليل على صحة رأي الأمدي قول المستوفي : الصحيح أن الصبا هي القبول وما الذي منع أبا تمام أن يجعل موضع قبولها جنوبها فكان يسلم من هذا التشنيع .
وأضيف أن الشعراء المخضرمين الفحولين لا يجهلون بأمور اللغة وحسب إنما يجهلون حقيقة ما يتحدثون عنه ومثال ذلك قول أبي نواس :
كأنما عينه إذا نظرت بارزة الجفن عين مخنوق
يصف أبو نواس في هذا البيت عين الأسد فيشبهها بعين المخنوق والإنسان إذا خنق تجحظ عيناه فيصف عين الأسد بالجحوظ وهذا خطأ علمي لأن الأسود توصف بغمور عيونها وغؤورها فهذا جهل من أبي نواس لحقيقة ما يتحدث عنه وهي عيون الأسد وجهله أدى إلى خطأ في المعنى . وهذا غيض من فيض فلا ملامة على شاعر شاب إن أخطأ طالما أن أبا تمام أخطأ وطالما أنا أبا نواس أخطأ .
انتظروني في الموضوع القادم عن كفر أبي نواس