استيقظ وائل ذو العشر سنوات صباحاً كعادته، ليستقل (سرفيس) مدرسته الخاصة المكتظ بالطلاب والذي ينقله يومياً منها واليها،
إلا أنه في ذلك اليوم لم يصل مدرسته كما كان من المقرر، وتحول موعده معها إلى موعد مع 26 قطبة حول العين وكسر في ساقه اليسرى ورضوض في اليمنى داخل أحد المشافي الحكومية بعد حادث أليم.
"كنا 5 طلاب جالسين في المقعد الأمامي بجانب السائق الذي كان مسرعاً وكنت أجلس على حضن صديقي، وعندما أسرع السائق أكثر تفاجأنا بسرفيس (مائل) آخر ارتطمنا به من الخلف وسقط علينا الزجاج و(التابلو)" هذه الكلمات التي نطق بها وائل ببراءة لسيريانيوز، كانت بداية القصة التي روتها والدته نقاء العيطة لاحقاً ، وقالت " يأتي سرفيس (عادي) بشكل يومي ليقل الطلاب من منطقة القدم نحو مدرستهم (الحياء الخاصة) وبالعكس، إلا أنه لا يليق بمدرسة خاصة فهو ينقل يومياً ما يقارب الـ35 طالب تعليم أساسي دفعة واحدة، ومنهم من يجلس على حضن الآخر ومنهم من يقضي رحلة المعاناة اليومية واقفاً على قدميه".
5 طلاب في المقعد الأمامي!
وتابعت العيطة إنه " قبل الحادثة بيومين أخبرني ابني أن قدميه تؤلمانه وأنه هناك طالبان يجلسان يومياً على حضنه نظراً لضيق المكان، حيث يقضون رحلة الذهاب إلى المدرسة التي يقارب زمنها الساعة فوق بعضهم البعض، عندها راجعت المشرفة على السرفيس التي نفت مسؤوليتها عن الموضوع وطلبت منا مراجعة الإدارة، وبعدها تم تخصيص مكان جديد لوائل بين خمسة طلاب في المقعد المحاذي للسائق المخصص أساساً لراكبين فقط".
وفي العودة للحادثة، قالت العيطة إن " السائق اعترف بأنه كان مسرعاً عندما اصطدم بسرفيس آخر كان يحمل الركاب" ، وتابعت " تم نقل الطلاب المتضررين إلى مشفى المجتهد وعندما وصلنا إلى هناك وجدنا الأطباء يقومون ودون تخدير بقطب جفن وائل إلى الأعلى بحيث لا يمكنه إغماضها لاحقاً، وإثر ذلك قمنا بنقله إلى مشفى خاص أعاد القطب من جديد".
وعن إجراءات الإدارة حول الحادث، قالت العيطة إنه" عندما وقع الحادث سحبت الإدارة يدها من الموضوع وقالت المديرة بالحرف الواحد ( أنا ما دخلني) وألقت اللوم على السائق وطلبت منا أخذ حقوقنا منه مع أنه موقوف، رافضةً دفع تكاليف المشفى كأدنى اهتمام" مشيرةً إلى أنه " عندما قمنا بمواجهتها أننا نبهناها سابقاً لوضع السرفيس المزري نكرت ذلك جملة وتفصيلاً".
26 طالب في سرفيس لـ15 راكب
سيريانيوز راجعت مديرة مدرسة (الحياء الخاص) للتعليم الأساسي في سوق الصوف، التي رفضت التصريح عن اسمها أو التقاط صورة لها، مستهلةً الحديث بعبارة (كل ما قيل كذب) وتابعت " كل أضرار الحادثة كانت جرح بداية الجبهة لأحد الطلاب وكسر باليد عند آخر".
أما عن عدد الطلاب الكبير في السرفيس، فقالت المديرة " كان لدينا العام الماضي حوالي 40 طالب في منطقة القدم يأتون إلى المدرسة عن طريق ذات السرفيس على دفعتين في كل دفعة 20 طالب، وذلك لأن الأهالي رفضوا قيامنا بإحضار باص كبير لنقل كل الطلاب دفعة واحدة رغبة منهم بوصول السرفيس إلى باب المنزل خوفاً على أطفالهم من (الزعران السكرانين صباحاً)".
إلا أن هذا الكلام قوبل برفض تام من قبل أسرة وائل الذين أكدوا لسيريانيوز أن "هذا لم يحدث قط ولم تتفوه المديرة سابقاً بمثل ذلك".
وتابعت المديرة" في بداية العام الحالي تناقص عدد طلاب منطقة القدم نتيجة خروج طلاب الصف السادس من المدرسة بعد النجاح، فبقي حوالي 26 طالب، حينها وجدنا أن السرفيس ذاته يكفي لنقلهم جميعهم دفعة واحدة ولو كان السرفيس يتسع لـ15 راكباً فقط إلا أن الطلاب يستطيعون الجلوس به براحة تامة لأن أحجامهم صغيرة"، مشيرةً إلى أن " الإدارة عرضت على الأهل إحضار باص كبير إلا أنهم رفضوا مرةً أخرى".
والحاصل ان المديرة أحضرت باصاً كبيراً بعد هذه الحادثة، وعندما طلبت سيريانيوز إلقاء نظرة عليه ، استمهلت المديرة مدة عشرة دقائق ، وشاهدنا أن التنظيم بغاية الدقة من حيث إخراج الأطفال نحو الباصات إلا أن الوضع داخلها كان كما هو واضح في الصور المرفقة.
عقودنا لنقل الطلاب تلزم السائقين بالتأمين عليهم .
وفي العودة للحادثة وتنصل الإدارة من دفع التكاليف للمتضررين، قالت المديرة إن" المدرسة تملك 3 باصات (نصف باص) بشكل خاص ومستأجرة ل 13 باص كبير(سكانيا) ولا يوجد إلا سرفيس واحد للقدم _كما ذكر_ تعاقدنا معه لنقل الطلاب واشترطنا عليه بواسطة عقد موقع ضرورة التأمين على الركاب لديه مثله مثل باقي الباصات، إلا ان سبب الحادث هو إحضار السائق الذي تعاقدنا معه لسائق آخر دون علمنا بسبب مرض السائق الأساسي".
وتابعت المديرة" عندما أخبرتنا المشرفة عن الحادثة أرسلنا 3 آنسات للمكان، إلا أن الشرطة سبقتنا ونقلت المصابين إلى مشفى المجتهد على الرغم من تعاقدنا مع مشفى خاص كنا نريد أن ننقلهم إليه، وعندما وصل أهل الطالب (وائل) لمشفى المجتهد ورأوا أن عملية قطب الجرح كانت غير سليمة نقلوه دون علمنا إلى مشفى خاص آخر، وعندها طلبوا من الإدارة مبلغ كبير لتسديد رسم العلاج".
لم يبرز الاهل الفواتير
وأردفت " بما أن السائق مؤمن على الركاب لديه فمن المفروض أن يرفع الأهل دعوى على شركة التأمين لتحصيل المبلغ الذي يريدون، وقد طلبت الإدارة من الأهل إبراز الفواتير لها إلا أنهم تملصوا من الموضوع لأنهم لا يملكونها، وعلى الرغم من ذلك فإن الإدارة جاهزة حتى اليوم لدفع التكاليف في حال تملصت شركة التأمين من الدفع وإن كان الأهل يملكون فواتير نظامية " مضيفةً أن " الأب استغل ابنه كوسيلة للحصول على المال".
ولكن أهل وائل اكدوا من جانبهم بان الإدارة لم تطلب أية فواتير منهم بل قامت بالتنصل من الموضوع طالبةً منهم تحصيل مبلغهم من السائق، مشيرين إلى أن " الفواتير موجودة في حال أرادت المديرة رؤيتها".
وعن عدم تأمين المدرسة على سلامة طلابها في الداخل والخارج، قالت المديرة إنه " بعد الحادثة استقدمت الإدارة عدة عروض من شركات تأمين وهي الآن قيد الدراسة ليتم التعاقد مع إحداها في القريب العاجل".
شروط وزارية
وفي متابعة لإجراءات وزارة التربية الضابطة لشروط استخدام السرافيس في نقل الطلاب من والى المدارس العامة والخاصة، زودتنا الوزارة عن طريق مكتبها الصحفي بدفتر للشروط تم الاتفاق عليه بالتعاون مع وزارة النقل عام 2004 وعمم على جميع مديرياتها ، وهي شروط كافية لتأمين سلامة الطلاب كما هو واضح من القرار المرفق ، ولكنها لا تنفذ على ارض الواقع.
وبهذا الخصوص قال المكتب الصحفي إن" الوزارة غير قادرة على مخالفة سائقي السرافيس وبعد الاتفاق على الشروط المعينة مع وزارة النقل تتكلف مديريات النقل عبر شرطة المرور بتغريم المخالفين".
وشددت الشروط أنه "يجب عند تجديد ترخيص سير سيارات الركوب الصغيرة والمتوسطة والكبيرة الخاصة العائدة لدور الحضانة ورياض الأطفال والمدارس الموضوعة بالاستهلاك المحلي أن تكون مطابقة للمواصفات السابقة".
إلا أنه في عام 2006 وبطلب من وزير النقل تم تشكيل لجنة مؤلفة من ممثلين عن وزارة النقل والداخلية (إدارة المرور) ووزارة التربية لتحديد المواصفات الواجب توفرها في سيارات الركوب المتوسطة (ميكرو باصات) والكبيرة(الباصات) العائدة لدور الحضانة ورياض الأطفال والمدارس استناداً للمادة 123 من قانون السير والمركبات رقم 31 المقر عام 2004.
وبعد مناقشة تعميم وزارة النقل بتاريخ 17/8/2004 المتضمن التعليمات الفنية الموحدة لسيارات الركوب الخاصة بدور الحضانة ورياض الأطفال والمدارس، توصلت اللجنة إلى اقتراح تعديل بندين فقط وهما (1و2) إلى أن يبقى لون المركبات الخاصة بالمدارس كما هي عليه من بلد المنشأ أو حسب القيود المثبتة في مديريات النقل، مع وضع خط منصف المركبة بعرض 15سم وعلى محيطها بلون موحد( برتقالي لرياض الأطفال، أزرق للتعليم الأساسي، أخضر للتعليم الثانوي)، في حين عدلت المادة الثانية إلى إضافة اسم المؤسسة التعليمية على الخط الملون من جانبي المركبة.
الشرطة تغض البصر لصالح الطلاب!
عن سبب عدم مخالفة السرافيس التي تحمّل طلاباً فوق استطاعتها، قال احد عناصر شرطة المرور الواقفين أمام إحدى المدارس الخاصة إن " الإهمال بداية يعود إلى أهالي الطلاب الذين يرون أطفالهم صباحاً يحشرون(كالمكدوس) داخل المركبة دون مبالاة، ونحن كشرطة مرور نغض البصر عن سائقي هذه الحافلات حرصا على وصول الطلاب في الوقت المناسب عدا عن كون اغلب منازلهم قريبة من المدرسة ولا داعي للتشديد" مشيراً إلى أن "مخالفة المركبات التي تحمل فوق استطاعتها تبلغ حوالي 4 آلاف ليرة سورية".