تسببت بحروق لستة اشخاص .. وشكوك بانها اودت بحياة طفل
عن عمر لم يناهز الثلاثة اشهر توفي الطفل عوض الشعار داخل مشفى جراحة القلب الجامعي بدمشق، فبعد أن دخل المشفى ليجري عملية جراحية بقلبه الصغير، خرج منها جثة هامدة ومحروقة بسبب مسحوق تعقيم الأجساد الذي استخدم حديثاً في المشفى.
لم يتم الجزم فيما اذا كان عوض قد توفى بسبب المسحوق ام كان المسحوق سبب مساعدا "ربما" بحسب ما عبر بعض اطراف القصة.
فبحسب مدير المشفى فإن "عمليته التي خضع لها خطيرة ونسبة الوفاة فيها كبيرة ومنذ لحظة دخوله المشفى كانت حالته حرجة" ، ولكن في المقابل فان احتراق جسد عوض و6 أشخاص آخرين بينهم 4 أطفال بات امرا واقعا ، والسبب هو مسحوق التعقيم الجديد الذي استخدمته شركة التعقيم في المشفى حديثاً..
هؤلاء عانوا من الحروق في رحلة العلاج
هيام السراج طفلة في الثالثة من عمرها، دخلت غرفة العمليات لإجراء عملية جراحية في قلبها ثم حولت بعدها للعناية المشددة (كإجراء طبيعي بعد العملية) وبعد يومين خرجت الطفلة بعملية ناجحة، لكن ما عكر صفو الفرحة بنجاح العملية، هو ظهور حروق من الدرجة الثانية والنصف (بحسب الام) على ظهر هيام بصورة غريبة، مسببةً صدمة للجميع، ومانعةً هيام من النوم على ظهرها قرابة الشهر.
وقالت ليلى حجر (أم هيام) من محافظة حلب لسيريانيوز إن " ابنتي مصابة بضيق في الشريان الابهر وعلى ذلك قمنا بإدخالها مشفى جراحة القلب الجامعي التابع لمشفى المواساة، وبعد خروجها بسلامة دخلت العناية المشددة كإجراء طبيعي بعد العملية".
وتابعت حجر" بعد يومين قام الأطباء بتسليمي ابنتي وهي محروقة الظهر بدرجتين ونصف كما (حددوا)، معللين السبب بأن المعقم المستخدم سيء وقد تسبب بالحروق لها ولحوالي 6 آخرين، وطمأنوني بأن التشوه الحاصل على ظهرها لن يبقى أكثر من شهر " مشيرةً إلى ان " هيام أصبحت كثيرة البكاء وتختلج بين الحين والآخر، عدا عن عدم قدرتها النوم على ظهرها".
مرضى قلب تمنعهم آلام الحروق من النوم
ليلى حجر لم ترغب بالتقاط صورة لابنتها كي "لا تبقى ذكرى أليمة لها"، فيما منعت إدارة المشفى سيريانيوز تصوير الحالات الأخرى لأسباب عللوها (بخصوصية المرضى) على الرغم من قبول البعض منهم التقاط الصور.
في الزيارة التي قمنا بها كانت حالة بعض المرضى كهيام وامرأة أخرى تدعى ناهد(36 عاماً) صعبة جداً فالحروق منعتهم من النوم المريح فالسيدة تنام جالساً والطفلة على صدرها وقد قال بعض مرافقي المرضى لسيريانيوز ان هيام لا تنام إلا بإبر المهدئ.
وفي متابعة لقضية المعقم "الحارق" التقت سيريانيوز مدير المشافي التعليمية في وزارة التعليم العالي، همام مسوتي، الذي قال إن "إدارة مشفى جراحة القلب الجامعي أخبرت وزارة التعليم العالي عندما شعرت بوجود خطأ ما بخصوص المصابين بالحروق بعد التعقيم، حينها كان التجاوب سريعاً من الوزارة حيث زار وزير التعليم العالي المشفى مع الكوادر المختصة ، وأمنت العناية الكاملة للمصابين بعد استدعاء طبيب مختص بالحروق ومناوبين على مدار 24 ساعة".
وأضاف مسوتي" وجه الوزير بركات بتشكيل لجنة مؤلفة مني أنا ومن مدير الرقابة الداخلية والمراقب الداخلي في الرقابة الداخلية وشخص من مديرية الشؤون القانونية، بمهمة التحقيق والتقصي في الحادثة وتحديد المسؤوليات القانونية والادارية وتقديم اقتراحات المعالجة بالسرعة القصوى".
المادة المعقمة بحاجة لتمديد ولم يكتب هذا على نشرة المستحضر.
وأردف المسوتي" لا يمكن القاء المسؤولية في الحروق على أحد حالياً ولا يمكن الجزم بسبب وفاة الطفل عوض حتى تنتهي التحقيقات والفحوصات اللازمة" مشيراً إلى أن " سبب احتراق اجساد المرضى هو تجمع المعقم في ثنيات الجسم، فعندما يستلقي (مثلا) أحد المرضى بعد التعقيم تجف المناطق المكشوفة ويتجمع المعقم على منطقة الظهر والأرداف ما يؤدي إلى الاحتراق".
وتابع المسوتي" اطلعنا على التركيب الكيميائي للمادة المعقمة المستخدمة حديثاً في المشفى -بدلا من تركيبة قديمة-، فتبين أنها تستخدم لذات أغراض المستحضر القديم وهي شبيها بها، إلا أنه كشف فيما بعد أن المستحضر الجديد مركّز أكثر ويحتاج إلى تمديد دون أن يذكر ذلك على نشرة المستحضر ومن هنا بدأت المشكلة".
وأكد المسوتي أن " نسبة الاحتراق لا تتجاوز 6% من حجم اجساد المرضى، ودرجات الحروق تتراوح بين درجة ودرجتين فقط وهي حروق غير خطيرة" مضيفاً أنه " ستتم معاقبة المذنب كان من يكن".
الحروق قد تكون ساهمت بوفاة الطفل ولكنها ليست السبب الرئيسي؟
وفي العودة لحالة المرضى حالياً وللوقوف على قصة الطفل عوض، قال مدير مشفى جراحة القلب الجامعي الدكتور مروان شامية إن " عوض كان بحالة حرجة حين دخل المشفى، وخضع لعملية قلب مفتوح وهو مصاب بتشوه وسادة تام مع ارتفاع توتر رئوي، وعلى هذا تعد عمليته بالأساس خطيرة ونسبة الوفيات بها عالية خاصة مع وجود توتر رئوي".
وتابع شامية إن " عوض خضع لأول عملية لإصلاح تشوه الوسادة بعد 20 يوماً ركب له بطارية دائمة، وبعدها أصيب بربص صدرية عندها اجري له تفجير ووضع له جهاز تنفس اصطناعي، بالمختصر هذا وضعه حتى قبل وفاته بيوم لذلك لا يمكن الجزم بأن سبب وفاته هي الحروق الناتجة عن التعقيم حتى يتبين ذلك بالفحوصات".
ربما قد ساهمت الحروق بوفاة عوض دون أن تكون السبب الرئيسي بذلك، لكنها كانت السبب الرئيسي بتشوه ظهر هيام السراج (ولو حالياً) التي وعدت باختفاء ذلك بعد شهر كون الحروق من الدرجة الثانية السطحية بحسب تقرير أحد الأطباء المختصين الذين عاينوا المرضى بعد الحادثة لتقييم حالتهم.
مدير المشفى : المستحضر دخل بطرق غير قانونية
بالنسبة الى الحالات الاخرى في التقرير المرفوع من الطبيب المختص وفيق عبيد عن حالة المصابين إلى وزارة التعليم العالي فإن " مساحة حرق هيام 3% وحرق السيدة (س،ح) أقل من 1% من الدرجة الثانية ، في حين كانت إصابة السيدة ناهد بحروق من الدرجة الثانية السطحية على الاليتين وبقع متفرقة على الوجه الخلفي للفخذين والظهر بمساحة 6% من الجسم، في حين هناك طفلة أخرى تبلغ من العمر 8 أشهر وتدعى (غنا) مصابة بحرق من الدرجة الثانية على الظهر والالية مساحته 6% إضافة لعدة حروق من الدرجة الأولى".
و بحسب إدارة المشفى فإن أي مستحضر يستخدم حديثاً للتعقيم عليه أن يمر على لجنة الإشراف، إلا أنه وبحسب مدير المشفى مروان شامية فإن " رئيس لجنة الإشراف أرسل كتاباً مؤكداً فيه عدم مرور المحلول الجديد على لجنته ابدا" مشيراً إلى انه" حتى الآن لا توجد أي أدلة تثبت عكس هذا الكلام" ما يدل على دخول المستحضر إلى المشفى بطريقة غير قانونية.
ببساطة المسؤول هو النشرة ؟
المسؤولة عن التعقيم بشكل أساسي والمتعاقدة مع مشفى جراحة القلب الجامعي بهذا الخصوص، الدكتورة ريم نقولا، قالت لسيريانيوز إن " الكمية القديمة من المستحضر السابق انتهت، والدفعة الجديدة تحتاج إلى وقت حتى تأتي من ألمانيا، لذلك كان هناك ضرورة قصوى للاستعانة بمستحضر آخر لتعقيم المرضى وعليه استعنا بمستحضر من شركة أخرى (ألمانية أيضاً) تدعى استر وقارنا بين مستحضرها والمستحضر القديم عبر نشرة الاستطبابات الخاصة بها".
وتابعت" بناءً على المقارنة، تبين أن الاستطبابات ذاتها بين المحلولين ولا مانع من استخدام المستحضر الجديد كون الشركة (استر) قد جربته من قبل".
وعن سبب احتراق أجساد المرضى، قالت إن " المستحضر عالي التركيز وكان بحاجة إلى تمديد لكن ذلك لم يذكر بنشرة الاستطباب، وعندما حصرت المادة بين الفراش والظهر منعته من التبخر حتى حدثت الحروق البسيطة من الدرجة الاولى والثانية السطحية"، مؤكدةً إن " التعقيم بذات المحلول طبق على حوالي 30 مريض ولم يصب منهم سوى هؤلاء السبعة".