خيال تحوّل إلى حقيقة
"طاقية الإخفاء" خيال تحوّل إلى حقيقة
ظلت فكرة القدرة على التخفي تراود الكثير من كتاب أدب الخيال والسحر منذ دخولها في حكايات ألف ليلة وليلة مرورا برواية "سيد الخواتم" وانتهاء بـ "هاري بوتر".
لكن بالنسبة للبروفسور أولف ليونهاردت من جامعة سانت اندروز فإنها ليست مجرد حلم فقط. إذ حصل هذا العالم المتميز على دعم مالي من "الجمعية الملكية" البريطانية لدراسة إمكانية صنع ثوب يحقق هذا الحلم.
وبالطبع، ليس غريبا أن تكون هذه الفكرة عنصر جذب قوي لدى القادة العسكريين. إذ ظلوا يجربون الفكرة من خلال وضع كاميرات على جانب واحد من دبابة، ثم القيام بتمرير الصور على شاشات عملاقة نصبت في الجانب المعاكس للدبابة. وكانت النتيجة هو أنك لا ترى الدبابة لكنك ترى ما وراءها فقط. لكن هذا الإخفاء لا يعمل حسبما أفادت مصادر إعلامية عربية بشكل مثالي حتى الآن. فسمكة الصبيد تتمكن من التخفي عن طريق تغيير لون جلدها بحيث يصبح شبيها بلون المحيط في حين يتطلب إخفاء الدبابة إلى الكثير من من الطاقة لإبقاء كل الصور متجددة.
كذلك فهناك مشكلة أخرى تتمثل في أن أجهزة التصوير الحرارية مثل نظارات الرؤية الليلية أو الصواريخ المتحركة نحو حرارة الهدف قادرة على كشف الدبابة المغلفة بهذا النوع من التكنولوجيا. ومن بين أكثر الأفكار المشجعة لتحقيق هذا الحلم كانت تلك المستندة إلى جعل الضوء يجري حول الجسم مثل سيلان الماء حول صخرة في جدول. بشكل عام نحن نقوم بتقويس شعاع الضوء باستخدام مرايا وعدسات خاصة. وينجم تقوس الضوء عن اختلاف السرع التي يتبعها الضوء المتكون من مجالات الكترونية ومغناطيسية متفاعلة بعضها ببعض وتنتقل عبر الزجاج والهواء.
كان البروفسور السير جون بندري من امبريال كوليج قد صنع عام 2000 نسخة جديدة من عدسة زجاجية متكونة من مواد تسمى بالـ "ميتا ماتيربال" وهذه تمتلك القدرة على حرف أي مجالات الكترو-مغناطيسية في أي اتجاه وهذا ما جعل البروفسور يقدم محاضرة عنوانها "عباءة التخفي: هاري بوتر يصنع الالكترو- مغناطيس".
ونقلا عن صحيفة الديلي ميل اللندنية، قال البروفسور بندري إنه من الناحية النظرية يمكن صنع عباءة مصنوعة من مادة الـ "ميتا ماتيريال" المناسبة وحين يضرب الضوء ظهر لابسها فإنه ينحرف حوله ويعاد توجيهه ليصبح أمامه بدلا من خلفه. لكن ذلك غير ممكن حتى الآن لحرف الضوء المرئي بواسطة مواد كهذه. فالعملية تنجح فقط عند وجود ذبذبات عالية للاشعاع "الميكروويفي".
لكن علماء صينيين نجحوا في تعزيز تحقق هذا الحلم. ففي السنة الماضية تمكن فريق من العلماء الصينيين في جامعة شنغهاي بعمل نسيج مصنوع من كرات فضية رقيقة وهي تمتلك نفس الخصائص التي تسمح لها بتقويس شعاع الضوء. مع ذلك ما زال هناك عائقان يجب إزالتهما أولا. الأول هو ان الكرات يجب أن تكون صغيرة جدا إلى الحد الذي يكون ممكنا وضع الألف كرة منها في قطر شعرة انسان. وثانيا هو أنها ستبقى متماسكة مع بعضها البعض حين يكون هناك مجال مغناطيسي قوي.
مع ذلك، ما زال هناك أمل بصنع "عباءة التخفي". ففي الأسبوع الماضي كشف البروفسور ماكال وفريقه الباحث في جامعة "إمبريال كوليج" فكرة جديدة.
استطاع البروفسور ماكال من ابتكار طريقة مكنته من منع تقدم الضوء عبر الهواء. وهذا يعني أنك قادر على إيقاف الضوء الصادر من جسمك كي يصل إلى من يقف حولك. وهذا يعني كأنك تضعط على زر "توقف" pause قبل أن يتمكن الناس من رؤيتك وأنت تعمل شيئا ما لا تريد أن يراك أحد خلال قيامك بذلك الفعل، ثم تضغط على زر "شغّل" play بعد ان تكون قد انتهيت من عمل ما تريده.
لكن البروفسور ماكال استدرك في حديثه مع مراسل الديلي ميل قائلا: "يجب أن أقول إننا قد نكون قادرين على تحقيق شيء كهذا خلال عقود قليلة". أما البروفسور ليونهاردت فيبدو أنه أكثر تفاؤلا حين قال: "يكفي ظهور فكرة واحدة جيدة كي يتغير كل الوضع بشكل درامي". قد يكون الطريق طويلا للوصول إلى ما حققته شهرزاد عبر قصصها الفنطازية، لكن العلماء بدأوا خطوة الألف ميل والكثير منهم مثل البروفسور ليونهاردت على قناعة بأن الحلم سيتحقق قريبا.